مقـالات

بحـوث ودراسات

عـلماء كـتب ومخطوطات 

عقـيدة و فـقـه

تاريخ وحـضارة

الصفحة الرئيسة

فصول كتاب أحكام السفر في الإسلام

 

للشيخ علي يحي معمر

حكم الصلاة في السفر

إن المسافر الذي يتجاوز مسافة السفر ، هو ما يتراوح بين ثلاثة وأربعة أميال يجب عليه أن يصلي الظهر والعصر والعشاء الآخرة ركعتين ركعتين .

ولا يجوز له بحال أن يتم ، سواء كان هذا السفر طويلا أو قصيرا ، سواء سفره في طاعة أو مباح أو معصية ، ما دام ينطبق عليه حكم السفر ولم يتخذ وطنا جديداً يستقر فيه استقرارا دائما .هذه هي القاعدة العامة في حكم الصلاة في السفر وسوف أضرب أمثلة وأستعرض أحوالا لحياة الناس ليجد كل صنف منهـم الحالة التي ينطبق عليه :

 1- تاجر يسافر من قريته إلى المدينة ليبيع ويشتري ، ويقيم في المدينة عشرة أيام أو عشرين أو أقل أو أكثر حتى يبيع ما جاء به من بضاعة أخرى ، ثم يعود إلى قريته ليواصل عمله التجاري . إنه مسافر في كامل المدة منذ خرج من القرية حتى عاد إليها ، ويجب عليه أن يصلي الظهر والعصر والعشاء الآخرة ركعتين ركعتين ، ولا يجوز له أن يصلي أربعا إلا إذا  وراء إمام مقيم .

 2- فلاح سمع بنزول الأمطار في أرض من أراضي الحراثة تبعد عن بلده أكثر من ثلاثة أميال فأخذ عدته وذهب للحرث وبقي هناك أسبوعا أو شهرا أو أكثر من ذلك أو أقل ، إنه مسافر يجب عليه أن يصلي الظهر والعصر والعشاء ركعتين ركعتين ولا يجوز له أن يصليها أربعا وفي حكمه من يذهب للحصاد أو لغيره من شؤون الزراعة .

 3- جندي أو ( من ) في حكمه كالبوليس ، اقتضاء واجبه أن يؤدي عمله في مركز حكومي بعيدا عن بلده لمدة تطول أو تقصر إنه مسافر يجب عليه أن يصلي الظهر والعصر والعشاء الآخرة ركعتين ركعتين ، إلا أن يصلي وراء إمام مقيم .

 4- مدرس عينته وزارة المعارف ليؤدي واجبه المقدس في إحدى القرى أو المدن بعيدا عن بلده سنة ودراسية أو أكثر من ذلك إنه مسافر يجب عليه أن يصلي الظهر والعصر والعشاء الآخرة ركعتين ركعتين إلا أن يصلي وراء إمام مقيم .

 5- موظف تابع لأي مصلحة من مصالح الحكومة كالداخلية أو الخارجية أو الزراعة أو الأشغال أو الصحة أو العدل أو غيرها من المصالح أرسلته مصلحته ليقوم بعمله الوظيفي بعيدا عن بلده مدة قد تقصر على شهور أو أسابيع وقد تطول إلى سنوات . إنه مسافر يجب عليه أن يصلي الظهر والعصر والعشاء الآخرة ركعتين ولا يجوز له أن يصلي أربعا إلا إذا  وراء إمام مقيم .

 6- عامل اضطرته ظروف الحياة إلى أن يعمل بعيدا عن وطنه إما في شركة أو مؤسسة أو غير ذلك يَجِدُّ ويعمل ليكسب ما يستطيع أن يعيش به هو وأسرته في بلده الأصلي . إنه مسافر يجب عليه أن يصلي الظهر والعصر والعشاء الآخرة ركعتين ركعتين ولا يجوز له أن يصلي أربعا إلا إذا  وراء إمام مقيم .

7- طالب ألتحق ببعض المدارس أو المعاهد تبعد عن بلده فوق ثلاثة أميال . إنه مسافر يجب عليه أن يصلي الظهر والعصر والعشاء ركعتين ركعتين ولا يجوز له أن يصليها أربعا إلا إذا  وراء إمام مقيم .

 هذه صورة متعددة لأحوال الناس يكثر وجودها في المجتمع الليبي وفي غيره من المجتمعات لينظر إليها من كانت حالة شبيهة بإحدى هذه الحالات فيتخذ لنفسه حكمها وهذه الحالات السابقة التي عرضتها لا تخرج عن حكم السفر .

وإلى القارئ الكريم صورا أخرى حكمها يخالف حكم الصور السابقة أضعها بين يديه ليتأملها إذا شاء :

 1- تاجر ضاقت به وبأهله ظروف الحياة في قريته الصغيرة النائبة ، فانتقل إلى العاصمة وفتح لنفسه محلا تجاريا له ولأهله مسكنا ونقل إليه أسرته واستقر به استقرارا ثابتا دائما وهو لا ينوي الرجوع إلى بلده الأصلي بل فضل أن يحيا في هذه الوطن الجديد الذي تيسرت له فيه سبل الحياة ، إنه مقيم . ولم يعد مسافرا وهذا البلد الجديد هو وطنه ولا يجوز له بحال أن يصلي الظهر والعصر والعشاء الآخرة ركعتين بل يجب عليه أن يصليها أربعا .

 2- موظف حاول بكل وسيلة أن يترك في بلد معين غير بلده الأصلي وهو قد اتخذ لنفسه فيه مسـكنا أو بسبيل ذلك ، ويجب أن يستقر في هذا الوطن الجديد استقـرار ثابتا دائما ولو خير بينه وبين الرجوع إلى بلده الأصلي لفضل البقاء حيث هو . إنه مقيم يجب عليه أن يصلي الظهر والعصر والعشاء الآخرة أربع ركعات . ولا يجوز له بحال أن يصليها ركعتين .

 ويستطيع القارئ الكريم أن يقيس على هاتين الصورتين كل الصور المشابهة لها ، فيحكم على أصحابها بأنهم مقيمون فكل من انتقل من بلده الأصلي إلى بلد غيره انتقالا كليا وهو عازم على أن يستقر في بلده الجديد استقرارا ثابتا دائما يعتبر مقيما وتسري عليه أحكام المقيم فواجب المقيم فواجب أن يصلي أربعا . ولما كان امتلاك المنازل والسكنى فيها واتخاذ الأزواج من البلد الجديد دليلا على حب هذا الموطن الجديد والحياة فيه فقد ذهب بعض العلماء إلى عدم جواز القصر لمن تزوج في بلد أو ملك فيه وإلى هذا الرأي ذهب أمير المؤمنين عثمان من منى فصلى بها أربعا بعد أن كان يصلي بها ركعتين ركعتين صدرا من خلافته (1)، ويبدو من أحوال الناس أن الموظفين مهما كان نوع وظائفهم والعمال مهما كان نوع عملهم خارج العاصمة يعتبرون مسافرين ما داموا بعيدين عن قراهم الأصلية وعليهم أن يصلوا الظهر والعصر والعشاء الآخرة ركعتين ركعتين إلا إذا صلوها وراء مقيم . أما الذين يكونون في العواصم فمن كان منهم مرتبط المصالح ببلده الأصلي وهو يعمل للرجوع إليه ولو أمكنته الفرصة لاهتبلها وفرح بها ويقضي إجازاته وأعياده به فهو مسافر يجب عليه أن يصلي الظهر والعصر والعشاء الآخرة ركعتين ركعتين إلا إذا  وراء إمام مقيم .

أما من استقر بالعاصمة وأحب السكنى بها وأصبح يتخذ مشاريع الاستقرار والحياة الدائمة بها ولا يربطه بموطنه الأصلي شيء إلا الحنين الغريزي إلى الموطن الأول فهو مقيم ولا يجوز له أن يصلي الظهر والعصر والعشاء الآخرة ركعتين بحال من الأحوال .

 
 

 

 

الصفحة الرئيسة

جميع الحقوق محفوظة لموقع الاستقامة ولأصحاب المقالات - الأمانة العلمية تتطلب ذكر المصدر كاملا  عند نقل أي  معلومات من هذا الموقع