المنير بن النير الجعلاني
هو الشيخ العلامة الشهيد المنير بن النير بن عبدالملك بن وسار بن وهب بن عبيد بن صلت بن يحي بن حضرمي بن ريام الريامي الجعلاني ؛ كان – رحمه الله ــ من المعمرين فقد عاش مائة وعشر سنين ــ فيما يروى ــ هو أيضا أحد العلماء الأربعة الذين نقلوا العلم عن الأمام الربيع بن حبيب من االبصرة إلى عمان .
وهنا وقفة حول ما قيل عن عُمر المنير ، وتاريخ وفاته ، فقد شهر في التاريخ العُماني أن الشيخ المنير ( رحمه الله تعالى ) كان في الجيش الذي قاده الأهيف بن حمحام الهنائي لمقاتلة الطاغية محمد بن بور وإخراجه من عمان ، فالتقوا بدما ( السيب حاليا ) قرب مسجد الجامع شرقي الحصن المسمى حصن دما في القديم ، ووقعت بينهم معركة عظيمة ، قُتل فيها كثير من علماء أهل عمان ومنهم العلامة المنير بن النير ، وذلك يوم الأربعاء لست وعشرين من ربيع الآخر سنة ثمانين ومائتي سنة ، وله من العمر مائة وعشر سنين .
بيد أن الشيخ البطاشي ــ سيف بن حمود ــ قد علق على هذا القول فقال: إن المنير الذي قتل بدما في التاريخ المذكور وحُمِلَ إلى جعلان ودفن فيها بوصية منه ، يجعل من المستبعد أن يكون هو المنير بن النير الذي حمل العلم عن الربيع ، مع زملائه بشير بن المنذر ، وموسى بن أبي جابر ، ومحمد بن المعلا الفحشي ، فلعلهما شخصان أحدهما قبل الاخر ، كما هو المتبادر .
فهناك المنير ، أحد تلامذة الربيع ، ولا يعرف تاريخ وفاته ؛ وهناك المنير الذي قتل بدما وكان متأخرا عن الاول بزمن طويل ولا يستبعد أن يكون من أحفاده ، أو مسام له وكلاهما من اهل العلم ، فخلطوا بينهم ، وجعلوهما شخص واحدا ، للأشتباه الحاصل في أسماءهما ، وأسماء أباءهما ، وإسم بلدهما .
ومما يؤيد هذا القول رواية ذكرها ابن وصاف في شرح اللامية “: أن المنير بن النير ، مرض بصحار مرضه الذي مات فيه ، فأوصى إن هو مات يحمل إلى جعلان ، فقيل له إننا نخاف أن تتغير ، فقال : لا تخافوا ، إني أرجوا الله ، لأني ما نمت إلا تطهرت ، وما تطهرت إلا وصليت ، وما صليت إلا دعوت ، فقيل : أنه حمل إلى جعلان ولم يتغير . أهـ كلام ابن وصاف .
ومثل هذا الكلام يروى عن المنير الذي قتل بدما أيضا .
فنرى أن أحد المنرين مات بصحار ، حسب رواية ابن وصاف ، وأغلب الظن والذي رجحه الشيخ البطاشي أن الذي مات بصحار هو أحد تلامذة الربيع – رحمه الله ــ مع أن المنير المقتول بدما سنة ثمانين ومائتين ، عن عمر يبلغ مائة وعشر سنين ، قصته مشهورة ، ولا خلاف في تاريخ وموضوع وفاته .
وحسب الروايتين لا يستبعد أن يكون المنير المتوفي بصحار ، والمنير المقتول بدما ،حمل كل منهما بعد وفاته إلى جعلان ، ويكون الأول قبل الثاني بزمن طويل ، وبذلك يحصل الجمع بين الروايتين في تعيين مكان وفاة كل منهما ، وهما دما وصحار .
وفي حمل الشيخ المنير وهو ميت ، ومن وفاته بالسيب إلى جعلان ودفنه بها ، أشار المحقق الخليلي ( رحمه الله ) ، في جوابه لسائل عن مثل ذلك ،وهو أيجوز حمل الميت من بلد إلى بلد أخر ، لكي يقبر عند أهله ، أم ترى إثما على من فعل ذلك ؟ فأجاب : أما حمل الميت من بلد إلى بلد آخر ، فقد قيل فيه بالكراهية ، لما فيه من المشقة على الأحياء ، وتكليف الناس بما لا نفع فيه لحامل ولا محمول ، وكان في قصة الشيخ المنير بن النير الجعلاني ، إن صح ما يحكى عنه ، ما يستدل به على إباحة شي من مثل هذه المعاني ، وعلى كل حال فأولى ما نراه في ذلك أن لا يحمل الميت من بلد إلى بلد ، إلا في المواضع القريبة التي لا مشقة فيها ، ولا مضرة على أحد . أهـ بإختصار.
وذكر الشيخ سيف بن حمود البطاشي أدلة أخرى تؤكد على أن المنير الذي قتل بدما ليس هو الذي كان من الذين حملوا العلم عن الأمام الربيع رحمه الله .
وللشيخ العلامة محمد بن شامس البطاشي ، كلام في الشيخ المنير بن النير ، وهو يذكر المعركة التي دارت بين أهل عمان ، وبين جند محمد بن بور ، ومسير الأهيف بن حمحام الهنائي إليه في رؤوس القبائل ، واقتتالهم بدما فقال :